قصة الـجريمة (الجزء الثالث )
وبعد لحظات من الصمت، قال: “لا، أنا لست ممسوسًا أو ملبوسًا كما تفهمين، ولكن والدي، رحمه الله، كان شخصًا غير عاديًا، فقد كان الناس يصفونه بأنه محظوظ أو مبارك، وبعضهم يقول أنه كان يمتلك قوى خارقة، حيث كانت تنبعث من جسده سوائل حمراء. كان يستخدم تلك القوى لمساعدة الناس وحل مشاكلهم، وعشت معه وحدي بعد وفاة والدتي وأنا كنت طفل صغير. من المعروف أن المرافق الذي يستهزئ بشخص ما يكون مكروهًا لديه، فعندما يحاول المرافق تعطيل ذلك الشخص، يشتكي المرافق لزعيم العشيرة عن تلك السوائل الحمراء الغريبة. ويعلم الجميع أيضًا أن أولاد وأسرة أصحاب تلك السوائل الحمراء يعانون من الأذى الذي يلحق بهم من قِبَل المرافق. ومع ذلك، والدي كان يعيش بدون أن يتعرض لأذى من المرافق، وقبل وفاته قبل أربع سنوات، أراد أن يورثني تلك السوائل الحمراء لحمايتي من المرافق. ولكني رفضت ذلك لأنني لم أكن أرغب في ذلك. ومنذ وفاته، بدأت تظهر وتتسلط علي، ولذا قررت ترك بلدي والانتقال إلى القاهرة. ومع ذلك، لا أشعر بأي ذنب، وحقًا، لا أعرف ما الذي يجب علي فعله أو أين ينبغي أن أذهب أو كيفية مواجهة هذه المشكلات…”
أنا استمعت له بدهشة في عينيّ مفتوحتين، وعندما انتهى من كلامه، رددت بخوف وقلق: “إذًا، هل أنا السبب في ذلك؟”
وأجاب قائلاً: “قدر استطاعتي، حاولت عدم إظهار ما أراه وأقوله لك من قبل زواجك، فقد تكونين غير مستعدة لهذه الأمور. ومع ذلك، وجدت نفسي أتعرض لها دائمًا في الأوقات التي نكون فيها معًا. ولست أدري لماذا ظهرت لك بعد إنجابك، ربما بسبب أنك تنجبين طفلي وترتدين ملابس غير محتشمة، كما سمعت من الشيخ الذي كنت أراجعه ويقدم لي بعض الأشياء التي أستخدمها لحماية المنزل. أو ربما لأن كليهما مرتبطين ببعضهما البعض…”
في ذلك الوقت، لم أكن أدري كيف أرد عليه، لكن في تلك الليلة، لم أتمكن من النوم تقريبًا بسبب الخوف والقلق على الجنين. وفي اليوم التالي، بعد التأكد من الطبيب أن الجنين بخير وأعطاني حقنًا لتثبيت الحمل، قمت بتجميع ملابسي وذهبت إلى منزل أختي الكبرى. كنت بحاجة إلى فترة من الراحة والتفكير حول ماذا يمكنني فعله، لأنني كنت خائفة على ما بداخلي وليس على نفسي. فأنا لا أعرف ماذا سيحدث إذا تكررت تلك الرعبة، ولكن الغريب في ذلك كان أنه في الليلة الأولى لي في منزل أختي، نمت في غرفة ولادتها، ثم استيقظت في منتصف الليل لأذهب إلى الحمام. لكن حالما دخلت وأغلقت الباب وأخذت أتجول، لاحظت نفس وجه السيدة المحروقة تنظر إلي بخوف من خلف الزجاج، وكأنها تحاول القضاء عليّ أمامي. فصرخت بصوت عالٍ وركضت للخارج من الحمام، ووجدت أختي وزوجها خارج غرفتهما، وكان ابنيهما يأتيان يركضان من غرفتهما نحو والديهما، وأنا كنت واقفة أمامهما ترتجف من الخوف. حضنتني أختي وبدأت تهدئني، وعندما دخلت زوجها إلى الغرفة، سمعت صوتًا ينبعث من الداخل، ولم أتمكن من النوم في تلك الليلة أيضًا. عرفت أن هذا الجني يطاردني أنا أيضًا في أي مكان أذهب إليه منذ أن بدأت تنجب في ابنها، وأنني سأكون كابوسًا على أي شخص معي، تمامًا كما كان زوجي كابوسًا بالنسبة لي. ويبدو أن الأمور قد تفاقمت، لذا قررت العودة إلى منزلي لحين معرفة ما يمكنني فعله، واتصلت بزوجي في الصباح الذي جاء ليأخذني وأردت العودة إلى منزلي.
لكن قررت أنه لن يلمسني نهائيًا وأنام في غرفتي بينما هو ينام في غرفته. ولم يقم بأي مهام المنزل التي كان يفعلها من قبل. مرت حوالي شهر ونصف، وكنت أحاول دائمًا أن أكون قوية قدر الإمكان وأن أنكر أي شيء أراه وأظهر دائمًا أنني في حالة جيدة. وفي الوقت نفسه، كان كل ما يشغل تفكيري هو الخوف على ابني الذي في بطني. هل سيعاني هو أيضًا بسبب خطايا والده وجده ويرى العذاب الذي نراه، أم سيكون هناك تفرقة؟ حتى جاء زوجي وأخبرني أنه سيسافر إلى بلدته لمدة ثلاثة أيام بسبب وفاة عمه وكان يحتاج إلى الوقوف في العزاء. طلبت منه أن يأخذني معه لأنني لن أستطيع النوم في المنزل بمفردي ولن أتمكن من الذهاب إلى أي شخص آخر. لكنه رفض بشدة وقال إنهم لا يعرفونني هناك ولا يشترط أن أذهب. في تلك اللحظة، شعرت بأن هناك شيئًا خاطئًا، خاصة بعد أن لم يقدمني لعائلته طوال فترة زواجنا، باستثناء عمه وأبناء عمه في حفل الزفاف فقط. وقد قمت بتفسير ذلك بعد معرفتي بالحقيقة الحقيقية، حيث أنه كان يخشى أن أعرف الحقيقة، لكن لماذا لا يأخذني معه بعد أن عرفت الحقيقة؟ شعرت حينها أنني لم أعرف الحقيقة بشكل كامل وأن والده يكمن وراءها مشكلة أكبر.
على أية حال، قررت أنها ستمضي ثلاثة ليالٍ وستنتهي. اتصلت بجارتي وطلبت منها أن تتخلى عن ابنتها الكبرى سمر لتبقى تنام معي. وفعلاً، جاءت في الليلة الأولى ودخلنا للنوم في الغرفة الاضافية التي كنت أنام فيها. لكن في منتصف الليل، شعرت بصوت صراخ عالٍ وحركة خارج الصالة. كنت قلقة جدًا وقلت لنفسي “سأستمر في النوم ولن أخرج”. لكنني لم أستطع إغلاق عيني وزادت شدة الصوت. فبدأت أهز سمر التي استفاقت بخوف وقلت لها: “هناك صوت خارج الصالة”.