حـامل بلا عقل (الجزء الثاني)
“يا دكتور، لا أرغب في أن يرى أحد من أقاربي حالة ابنتي، سواء كانوا رجالًا أو نساء، لأنني لا أرغب في رؤية نظرة الشفقة في عيون الآخرين.”
“من هم الرجال في منزلك؟”
“لا يوجد أشخاص غرباء، فقط ابني الكبير، وزوجي، وأخي الذي يقضي شهر إجازته معنا.”
“أهم، حسنًا.”
“ماذا تفكر فيه يا دكتور؟”
“لا توجد أشخاص كبار على خطأ يا سيدتي.”
السيدة ضربت يديها على صدرها بعدم تصديقها.
“لا، يا دكتور… لا تقول ذلك، أنا لدي أشخاص أموت عليهم جميعًا، ولا أريد أن أصدم وأعلم أن أحدهم ارتكب هذا الجريمة.. اللهم احمينا يا رب.. احمينا ولا تكشف عوراتنا يا رب.”
الطبيب ذهب نحو دفتر الروشتات وكتب العلاج لها.
“سأساعدك في إجراء الإجهاض في أسرع وقت ممكن، وإذا كنت ترغبين، يمكنني مساعدتك في معرفة من قام بهذا. أنا تحت أمرك.”
السيدة رفضت برأسها وأخذت ابنتها وعادت إلى المنزل، دون أن تلقي نظرة على أحد.
عقلها كان في حالة من الارتباك، لا يمكن أن يحدث ذلك، فابنها وزوجها وأخوها لديهم أعلى مستوى من التربية والأخلاق والإنسانية، فالثلاثة أكبر من تلك الخطأ البسيطة.
وإذا كان أحدهم وقع تحت تأثير الشيطان وارتكب هذا، فما ذنب الآخرين الاثنين؟
بالإضافة إلى أنها لم تترك ابنتها وحدها لحظة واحدة، وإذا كانت تخرج من الغرفة، فإنها تترك لها الطعام الكثير وتقفل الباب وتحتفظ بالمفتاح، فمن يمكن أن يكون الجاني ومتى؟
أوه، يا الهي!
ما هذا الحيرة؟!
يجب أن تبدأ في تنفيذ الخطة التي أخبرتها بها الطبيب، وأن تكتشف بسهولة من الذي قام بهذا الفعل.
إنها بدأت في تنفيذ خطة الطبيب لمعرفة الجاني. كانت خائفة من أن يكون زوجها أو أبوها أو أخوها الذي يشك في إجازاته الطويلة. استدعت زوجها وأخبرته بأن ابنتها حامل، وأن الفحص أظهر أن الحمل من شخص محرم، مثل الأب أو الأخ أو العم أو الخال. صدم زوجها من هذه الأخبار وقال لها بثبات: “ابني لن يفعل مثل هذا، وقد أخبرتك مرارًا أن أخوك يثير شكوكي بإجازاته الطويلة”. أجابتها بثبات: “هل يمكنك تصديق أن هناك اتهامًا موجهًا إلى أخي؟” رد زوجها: “من سيكون هذا؟ لا يمكن أن يكون ابني قد ارتكب ذلك، وسأتحدث إليه وأعرف ما الذي يحدث بيننا”. ردت بعزم: “لا، حياة ابنتك لا تسمح لك باتخاذ قرار. دعني أتصرف وانتظر لنرى ماذا سيقول الطبيب وماذا سيفعل”. أجاب زوجها بعصبية: “طبيب؟ هل لدي أعصاب تنتظر الطبيب؟ ألا تدركين المأساة التي نواجهها؟ بنتك ذات الاحتياجات الخاصة حامل، يا سيدتي”. أجابت بترقب: “الطبيب سيتمكن من معرفة الجاني من خلال العينات، سيتصل بنا في الساعة العاشرة مساءً ليخبرنا بالنتيجة”. قالت بعد أن نجحت في إقناعها بالصمت: “انتظر حتى أرى ماذا سيقول الطبيب”.
بمجرد أن أقنعت زوجها بالصمت، طلبت منه أن يخرج ويترك المنزل لفترة. بمجرد خروج زوجها، ذهبت لتنتظر أخاها في غرفته وتفاجأت بوجوده هناك مبكرًا ويجهز حقيبة ثيابه. سألته بدهشة: “ماذا تفعل؟” أجاب وهو يحضر حقيبته: “أنا أجهز حقيبتي، يجب عليَّ السفر إلى الواحات بشكل عاجل”. نظرت إليه من أعلى إلى أسفل، وشعرت بارتعاش يجتاح جسدها، وكأنه سمع كلامها مع زوجها ويحاول الهروب. حاولت أن تستعيد توازنها وأغلقت الحقيبة التي كانت أمامه وأخذت نفسًا عميقًا، ثم قالت له بثبات: “أنا في مأزق، في ورطة، وأحتاجك أن تكون إلى جانبي”. صدم وقال: “يا سبحان الله! ورطة؟ ما هذه الورطة؟”