لـيلة الدخلـة (الجزء الثالث عشر)

كانت المرأة تبدو في أواخر العشرينات تقريبًا، ومن خلال مظهرها كان واضحًا أنها تهتم كثيرًا بنفسها. كانت تحتفظ بتسريحة شعر جديدة من صالون التجميل، وكانت أظافرها طويلة ومصبوغة بلون زاهٍ. كما كان مكياجها مبالغ فيه، وملابسها مثيرة للانتباه ومجسمة لجسمها. كانت تحمل سيجارة بيدها وتصرخ على العمال، كأنها تراهم كائنات تحت مسؤوليتها المالية. ولكن ما أغضبني شخصيًا هو أنها لم تلتفت إلي عندما رأتني مع شيماء والدكتور هاني. لم تحييني ولم تعبر عن أي اهتمام. بدلاً من ذلك، سألت الدكتور هاني بغضب قائلة: “ما هذا يا دكتور؟ أتنوي تحويل المنزل إلى مأوى للمرضى والمشردين؟” فرد الدكتور ببرود قائلاً: “أنا فقط أعمل على علاج المرضى وجعلهم يشعرون بالسعادة.”

استمعي يا صافيناز، بدلًا من دخولك بزعابيبك، تعالي اهنئني وعروستي. فعندما بصت صافيناز على السرير الذي كانت تستلقي عليه أختي بانزعاج، استهدفت كلامها هاني مرة أخرى وقالت له: “تفضل خذ هذه الأشياء التي جلبتها واخرج من بيتي.” فرد هاني عليها ببرود قائلاً: “هذا المنزل هو بيتي ومن حقي أن أبقى فيه، تمامًا مثلما هو بيتك. ليس من حقك طردي.” ثم عادت صافيناز لرفع صوتها مرة أخرى، واستمر الجدال بينهما، حتى سمعنا صوتًا قويًا يخرس الجميع. وفي هذه اللحظة، ظهر رجل في الخمسينيات من عمره عند الباب، وكان لون بشرته أسمر.

كان الرجل ذو قامة ضخمة وشعر أسود يتلألأ، ولكن سوالفة رأسه وجوانبه كانت تتلألأ بالشعر الأبيض. وبمجرد دخول الرجل إلى الغرفة، صاح فيهم وسألهم: “ما الأمر؟” فركضت صافيناز باتجاهه وبدأت تجهش بالبكاء المصطنع، وقالت له: “شاهد، ابنك جاء وجلب معه بعض الأشخاص، كيف يبدو شكلهم؟” وألقى الأب نظرة نحوي، وعندما اقترب مني ولمس وجنتي، سألني قائلاً: “أخيراً؟” فابتعدت عنه قليلاً وقلت: “نعم؟” وظل الأب صامتًا دون أن يتحدث، لكنه استمر في تفحصي من أعلى إلى أسفل. وعندما لاحظ الدكتور هاني تصرفات والده الغريبة، حاول تغيير الموضوع وعرفني بنفسه، قائلاً: “هذه داليا يا بابا، وداليا هي شقيقة عروستي شيماء النائمة.” وعوض أن يلتفت الأب ليبص على شيماء كعروسة ابنته، استمر في التركيز عليّ. وأخذ الدكتور هاني والده جانبًا وبدأ يتحدث معه قليلاً. وبعد ذلك، لاحظت والد هاني قدومي وترحيبه بي، واعتذر لي عن سلوك صافيناز، قائلاً: “أنتِ نورتي العالم بأسره يا داليا، ومن الآن فصاعدًا، اعتبري نفسك في بيتك.” أبدت صافيناز غضبها من تصرفات الأب، لكن كان من الواضح أن شخصية الأب قوية.

شـاهد الجزء الرابع عشر من هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى