قـصة الطفلة (الجزء الثالث)
عندها، أنفضحت الحقيقة أمام عيني رانزا. صدمت وبكت، صرخت في استنكار: “كذب، كذب!”.
حاول الرجل تهدئتها برفق وحذرها من الاتهامات الكاذبة. طلب منها أن تتظاهر أمام الآخرين بأنه والدها، وأنهم يعيشان معًا خارج المنزل، وأنها يجب أن تحترمه وتطيعه. لكنه توقف في نص الجملة وأبقى على صمته، لتشعر رانزا أن والدتها قد تخلى عنها فعلاً وأنه أصبح والدها.
لم تكن رانزا تفهم المفهوم الكبير وراء هذه الكلمات، لكنها كانت محطمة وغارقة في الحيرة بشأن ما يجب عليها فعله.
كانت الغرفة ضيقة جدًا، لا تحتوي سوى على نافذة واحدة في الأعلى تسمح بدخول ضوء خافت يخترق الأغصان المتداخلة على المكتب الوحيد في الغرفة.
كان هناك سرير واحد فقط ينامون عليه معًا، بدأ في الأيام الأولى بتركها في المنزل والخروج للعمل، ويعود متأخرًا يحمل الطعام. وبعد تناول الطعام، كان يتحدث معها عن معنى كونها فتاة وما تعنيه الأنوثة للبشرية، وكيف يمكن لها أن تجدد النسل وتوفر المتعة وتحسن الحياة.
كانت تحاول فهمه لكي لا تبدو ساذجة وتخذل والدتها، لكنها فشلت في كل محاولة. الشيء الوحيد الذي فهمته هو أنه كان يتعمد لمسها حتى وإن لم يكن هناك حاجة لذلك.
عندما كان يغيب أسامة خلال النهار، كانت تحاول استعادة دروسها المدرسية ومراجعتها في ذهنها. كانت تنتظر بفارغ الصبر مرور الشهر حتى تستطيع رؤية والدتها، تعتذر لها وتطلب منها ألا تتخلى عنها. وكانت تعود إليها بلا أموال، فلم تعمل حتى ذلك الوقت. كان يقول لها أنها ستصبح “ست بيت”.
لم تكن تعلم رانزا أن والدتها لا تعمل وأن كل اهتمامها يتركز على الأطفال وأعمال المنزل. كانت مجرد طفلة تنتظر حياة سعيدة ومشرقة.
عاد أسامة متعبًا في تلك الليلة، وكان يبقى يومين فقط حتى يمر الشهر. طلب منها تسخين الماء وغسل قدميه.
فعلت ما أمر به وغسلت قدميه التعبتين ذات الرائحة الكريهة. استمريت لفترة طويلة في تدليك قدميه بلا أن يطلب مني التوقف حتى شعرت بألم في يدي من التدليك المستمر.
قال لها أسامة: “كوني فتاة شاطرة، استمري في تدليك قدمي بشكل أفضل!”.
أجابته بثقة قائلة إنها ستفعل ذلك. رفع هامتها وقال لها: “أيضًا هنا، ساقيتؤلمني”. قامت رانزا بتدليك قدميه وجلست فوق ساقيه بخجل، لكنه كان يضغط عليها بقسوة. قال أسامة: “رانزا، قلت لك إن والدتك قد تخلت عنك، لكني لن أتخلى عنك”. انهمرت الدموع من عيني رانزا وأحتضنها بقوة، لكنها شعرت بالألم.
فكرت رانزا أن والدتها لن تتخلى عنها أبدًا، فلم تفعل شيئًا يؤذيها. قالت: “أرغب في الذهاب بنفسي”.
أجاب أسامة قائلاً: “لا تصدقيني؟”.