قـصة الطفلة (الجزء الأخير)
انسحبت ببطء إلى الشارع، وخطرت في ذهنها فكرة أن أسامة قد لا يزال هناك، وربما لم يتسرع مثلها وعليها العودة.
سارت بخطى متثاقلة تحت جدران المنازل، ولم تكن قد ابتعدت كثيرًا عن المنزل حتى وصلت إليه. وجدت والدتها قد استفاقت من هذه الحالة الغيبوبية وخرجت تبحث عنها بين الرجال.
لم تجد أسامة، ولكن الصوت اختفى، واختفت الأشباح، ولم ترَ شيئًا. جلست على السرير تبكي مرتـ ـــــ.ــعــ.ــبة.
سمعت المرأة التي طردت رانزا صوت صراخ خارج البناية، ورأت الناس يتجمعون حول ص@راخ أسامة واستغاثته الملحة لتسليمه للشر@طة.
سألت عن السبب، فأخبرها أحد جيرانها أنه تم اخت@طاف فتاة ولم يُعثر عليها حتى الآن.
لم تشعر بأي توجس لحظة واحدة بأنها نفس الفتاة التي طردتها خارج شقتها، ووقفت تراقب مع الناس ما يحدث.
والدة رانزا كانت واقفة في مكانٍ بعيدٍ غير مبالية بما يحدث لأسامة، فكل ما يهمها هو طفلتها.
ولا زالت طفلتها غائبة حتى الآن.
عاشت رانزا تجربة مر@عبة عندما سمعت الضجيج الخارجي، لكنها كانت خا @ئفة من مغادرة غرفتها.
عندما قررت المغامرة والخروج، شاهدت حشدًا من الناس يصر@ خون ويضر@@بون شخصًا ما، ولكنها لم تتمكن من رؤية من يتــ,ــعر@ض للضر@ب.
بتفكير الطفلة، وقفت في مكانها، ولكنها كانت مختفية بين الناس ولم يلاحظها أحد.
جلست والدتها على الأرض، وشعرت أن الأمور قد تفاقمت، حتى الرجل الذي اختـ.ـ@طف ابنتها لا يعرف مكانها.
تجلس النسوة الساكنات في المنطقة بجوارها، يعزونها في مصيــ@بتها ويؤكدون لها أن ابنتها ستعود.
رانزا من بعيد شاهدت حشد النسوة الذي يعزل والدتها عنها، فدخلت بسرية إلى غرفتها مرة أخرى، في انتظار عودة أسامة.
تم اقتياد أسامة بواسطة مجموعة إلى مركز الشر@طة بعدما تبين لهم أنه لا يعرف مكان رانزا.
شعرت والدة رانزا بالضعف، وكانت الشمس تحرق رأسها، فحركت نفسها للبحث عن الظل.
في الجدران المظلمة للمنزل، جلست تبكي وتنادي باسم ابنتها.
رانزا تعرف صوت والدتها، ولكن كانت بعيدة، كيف يمكن لصوتها أن يصل إليها هنا؟
والدتها التي تخ@لت عنها لن تأتي بعد كل هذا الوقت.
ولكن صوت الب@كاء الذي وصل إلى أذنيها جعلها تشفق على تلك المرأة التي كانت تنوح في الخارج.
صبت كوبًا من الماء وخرجت نحو الصوت الباكي.
والدة رانزا كانت منكبة على الأرض عندما وجدت رانزا تحتضنها على كتفها.
“تفضلي ماءً يا والدتي”، قالت رانزا وهي لم تعرفها بعد.
رفعت والدة رانزا وجهها لترى الصوت، ووجدت ابنتها الحبيبة.
صر@خت من الفرحة، وألقت رانزا نفسها في حضن والدتها.
تبكي بشدة، وقالت: “لقد تخليتي عني يا والدتي وأعطيتني لشخص آخر”.
“كذب!”، قالت والدتها وهي تقبلها بكل جزء منها.
“لقد بحثت عنك في كل مكان يا رانزا”.
“يعني لم تتخلى عني؟”
“كيف أتخلى عن جزء مني يا حبيبتي؟”
تحيط بهم الناس مهللين بصيحات الفرح، عادت رانزا أخيرًا إلى منزلها.
ولكنها لم تنس قصتها ولا قصة كل والدة ترسل طفلتها إلى الشارع دون مراعاة، فالطرقات مليئة بالشـ@ـر الأسود والأطفال يستحقون رعايتنا.