قصة أب وأولاده (الجزء الأول)
بعد مرور ثلاث سنوات من الزواج، تجدَّر الإشارة إلى أن الشاب والفتاة انتظروا إرادة الله دون جدوى لكي يصبحا أبوين. على الرغم من ايمانهما بقدرة الله وإرادته، قرر الزوجان أخيرًا اللجوء إلى دور رعاية واختيار طفل ليعتنيا به وينشئاه كأحد أبنائهما.
بدأوا بتربية هذا الطفل بكل عناية وحب، حتى أصبح لديهما علاقة وثيقة به وشعور بأنه ابنهما الحقيقي. وعندما أتى الوقت ورزقا بطفلهما البيولوجي، احتشدت الفرحة والسعادة في قلوبهما. فبعد مشورة دقيقة، قرروا أن يبقى الطفل السابق معهما ويشارك في تربية أخيه الصغير.
مرت السنوات ونما الأطفال حتى أصبحا شبانًا وشابات ذوي قامة. كانوا أولادًا محبين ومتعاونين، وفي إحدى الأيام قرر الزوجان زيارة صديق لهما. لكن عند عودتهما، صدموا بمشهد الطفل الأكبر وهو يبكي بشكل ملحوظ ووجهه ملطخ بالدم.
الحيرة والغضب انتابا الزوجين عندما اكتشفا أن الطفل الصغير هو من تسبب في ذلك. حاولوا معرفة السبب والتفاهم معه، لكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل. وفي لحظة غضب قرروا طرد الطفل الكبير من المنزل، وأخرجوه بعد تراكم جراحاته وإهانته. أخبروه أنه ليس له مكانًا بينهما بعد الآن.
بالرغم من ألم وحزن الشاب الذي أُجبر على مغادرة المنزل، كان يبحث عن لقمة عيش في الشوارع والأزقة، وفي الليل كان يعود إلى حديقة المنزل الذي شعر أنه لم يعد جزءًا منه.
أراد أن يمضي ليلته في المنزل، فاضطر لاستخدام الأرض كفراش وسماء الليل كملحفة، آملاً أن يشعر بشيء من الرحمة أو الحنان من والديه، لكن للأسف لم يحدث ذلك. مرّت الأيام والليالي وظل هذا الشاب يعيش في هذا الوضع الصعب. حاول عدة مرات أن يعتذر ويتوسل إلى والديه، لكن دون جدوى. تواصل الرفض والاستمرار في طرده من المنزل، دون أن يجد من يسمع له أو يتقبل توبته.
في يوم من الأيام، سمع الأب ابنه الحقيقي يبكي بصوت عالٍ في غرفته. سارع الأب للدخول وحاول أن يواسيه ويفهم سبب بكائه. طرح عليه الأسئلة: هل أنت مريض؟ هل تعرضت لإهانة؟ ولكن الولد أخبره أن سبب بكائه هو شقيقه. لم يعد يتحمل أن يرى أخاه في هذه الحالة من الحزن والكآبة. رد الأب بغضب وقال له إنه ليس شقيقه الحقيقي وأنه يجب تركه وعدم الانشغال به.
أصر الولد على كشف الحقيقة، فبدأ بسرد ما حدث………