قصة يحكى أن عجوزا (الجزء الثاني)

 

الإسكافي رد على العجوز بأن الخير يأتي لمن يصبر على الزمن. فسخرت العجوز بسؤالها الاستهزائي، مستفزةً: “وما الفائدة؟ ربما حصلت على حبة طماطم أو فلفل مقلي؟” رد الإسكافي بحكمة قائلاً: “اسمعيني، يا من تمتلكين الحكمة، الحياة دائماً في حركة، هل ستكونين إلى جانبي في هذه الرحلة؟” ردت العجوز بتحدٍ، قائلة: “سأنتظر حتى أرى خيرك أولاً، وإلا فلن يكون كل يوم لي إلا سوءًا!”

قال يبدو أنك مثل أختك لا يهمك إلا المال أما أنا فلا أعني شيئا لك والرزق عطاء من الله ولا أحد يضمن غده كيف يكون والآن سأترك لك الغرفة فنامي وفي الغد أرجعك لدار أمك فندمت وصعب عليها كيف سترجع صبية لدارهم فقالت له إجلس يا حمة لنتفاهم وإلعن الشيطان رد عليها من به عيب فلن يصلحه الدهر مهما طال في الصباح تأتيك العربة وترجعك إلى دار أمك فليس لنا مكتوب مع بعضنا وبإمكانك الإحتفاظ بكل ما أهديته لك.
بعد شهرين جاءت العجوز لخياطة حقيبتها إرتاحت قليلا على كرسيثم ناداها وقال لقد أصلحت الحقيبة ولمعت الجلد وصارت أجمل من قبل!!! فشكرته على شغله المتقن وقال لها لن أخذ شيئا لكني أريد أن تخطبي لي ابنة فطومة الثالثة زينب !!! رمقته العجوز بطرف عينها قالت لو اقتربت من دار جارتي لأشبعتني سبا وشتما فإثنين من بناتها مطلقتين وأنا السبب !!! أنت يا رجل لا يعجبك شيء فألف واحد يتمناهما جمال وأدب وأخلاق. أحس الإسكافي بالحرج وأجابها لا أحد يشك في هذا ولكن كما تعلمين فلا أقدر أن أتزوج إلا من أثق بها قالت العجوز ويحك ماذا تقصد أجابها لقد سبق لي أن تزوجت من فتاة جميلةوكنت أدللها وأشتري لها ما تشتهيه لكن يشاء الله أن أمرضوألزم الدار.

وحين طال بي المړض تركتني طريح الفراش و رجعت إلى دار أبيها ولم تلبث أن طلبت الطلاق ولولا أن الله رحمني لمت كمدا ويعلم الله كم كنت أحبها لكن هي لم تحب في حياتها سوى المال !!! سقطت دمعة كبيرة على وجه العجوز وقالت له يا لها من قصة مؤثرة وسأرجع لدار فطومة فابنتها فزينب ليس مثل أختيها وربما تتفاهم معها على كل حال إن شاء ربنا يعطيك ما فيه الخير لك !!!فكرت العجوز بحيلة ثم ذهبت إلى الخضار وإشترت قفة مليئة بالثمار وطرقت باب جارتها فأدخلتها لغرفة الضيوف وبعدما جلست قالت للبنات هذه هدية لكن فجرت البنتان مفيدة و رابحة وفتحتا القراطيس وبدأتا تأكلان أما الصغرى زينب فبقيت في مكانها تطرز قطعة قماش ولما أكملت الطريزة أخذت خوخة ثم شكرت العجوز وقبلتها وحضر الشاي فشربوا وحلت السهرة .

كانت العجوز تنظر ثم حكت رأسها وقالت في نفسها تلك الصغيرة لم تبهرها قفة الثمار بكل ما فيها من خيرات ولما أكلت شكرتني أما الأختان فلم تلتفتا حتى إلي والله ذلك الرجل له الحق لما طلقهما يا لهما من لئيمتين لا تفكران إلا في نفسيهما !!! ثم نادت العجوز زينب وأجلستها بجنبها وقالت لها لقد أرسلني الإسكافي لخطبتك فما رأيك صاحت أمها ليس عندي بنات للزواج هل نسيت ما فعل بمفيدة ورابحة لو أجده أمامي لضړبته بمكنستي على رأسه !!! قالت الأختين لزينب إنه بخيل وسيقتر عليك في طعامك كل ما عنده صحفة زيتون وكسرة شعير يابسة أجابت البنت لا أريد البقاء في الدار كل واحد يأخذ نصيبه ولعل سعدي يقوم بهذا الزواج وأكرم أمي وأخواتي قولي له إني موافقة يا خالة فرحت العجوز ثم رمت سفساريها على رأسها وذهبت تجري إلى السوق …

في قصر ملك الجان..
يوم الجمعة حضر الشيخ لدار فطومة وكتب عقد زواج الإسكافي على زينبوبعد حفلة حضرها الجيران وصفقوا فيها وغنوا للبنت أركبها زوجها افي عربة ورافقها لدكانه ففتح لها باب الغرفة الصغيرة ودعاها للدخول فخلعت غطاء رأسها وجلست على الزربية فقال لها سنعيش هنا حتى يفتحها الله ونشري دارا أكبر !!! أجابته سأساعدك فأنا أعرف الخياطة والطريزة قال لها بارك الله فيك ثم أحضر لها طبقا فيه صحفة زيتون وشيئا من الزيت والخس والبصل ومعهم خبزة شعير فقسمت الخبزة نصفين ومدت يدها وأكلت فقال لها عذرا فهذا كل ما لدي أجابته الحمد لله على نعمته فخير الطعام ما حضر وخير الثياب ما ستر فتعجب من كلامها وسألها وإن دامت عليك أيام الفقر هل تتركينني وترجعين إلى دارك أجابت إن وجدت منك الحب والإهتمام فذلك يكفيني والرزق على الله فكلطعامك وسبق الخير .
فانبسط منها وقال لها تعالي سأريك شيئا ثم رفع ستارة على الحائطفظهرت حفرة فلما دخلا منها وجدا نفسيهما في قصر وقادها إلى طاولة كبيرة عليها أصناف الإوز المشوي واللحوم والسمك وكل ما تشتهيه العين من الأشربة والفواكه ففركت زينب عينيها وقالت لزوجها أنا في يقظة أم في حلم أجاب الإسكافي ما ترينه هو الحقيقة ثم صفق فجاءت الجواري وألبسنها الحرير ووضعن القلائد في عنقها والأسورة في معصميها وقال لها هلم بنا نأكل ونشرب وسأروي لك حكايتي!!! قالت له لا أريد سوى بعض الثمار فلقد شبعت ثم قطع فخذ إوزة وقضم منهاوبعد ذلك قال لقد كنت رجلا ثريا أصنع النعال وأصلحها وذات يوم جاءت فتاة جميلة لدكاني فأعجبت بها ولم يمض وقت طويل حتى تزوجنا وإشتريت دارا كبيرة أثثتها بأفخم الأثاث وذات يوم مرضت ولم أعد قادرا على العمل .وطال هذا الحال وأصبحت أبيع من أثاث الدار وفي الأخير بعتها كلها وجئت لتلك الغرفة في دكاني وبعد أيام تركتني إمرأتي وأنا في أمس الحاجة إليها فاستبد بي اليأس وقررت أن أقتل نفسي لأرتاح فدققت حلقة من حديد لأربط فيه حبلا لكن الحائط إنهاروظهرت حفرة لما دخلت منها وجدت هذا القصر الكبير فمشيت فيه وأنا متعجب مما أرى وكانت هناك صناديق مملوءة بالذهب والفضة وناس تمشي وتجيئ وبالرغم من كثرة الخيرات لم ألمس شيئا وبينما أنا واقف جاءني رجل وقال لي أنا جارك ملك الجان وكنت أسمع ما يجري مع إمرتك فأحزن لأجلك ولما رأينا أنك تنوي المۏت قررنا أن نعطيك فرصة ثانية والقصر وما فيه لك لكن هذه المرة لما تنوي الزواج عليك باختيار امرأة لها طباعك فالنساء كثيرات لكن قلة منهن تحمد الله على القليل وتتحمل ضنك العيش وإذا فشلت يرحمك الله .

شـاهد الجزء الأخير من هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى