ما لا تعرفه عن محمد علي باشا .. صدفة أوصلته إلى عرش مصر
محمد علي باشا المسعود بن إبراهيم آغا القوللي، مؤسس الأسرة العلوية حكم مصر ما بين عامي 1805 إلى 1848، أطلق عليه لقب “مؤسس مصر الحديثة”، استغل غضب الشعب المصري على خورشيد باشا، لينصب نفسه وليا على البلاد، بعدما بايعه أعيان مصر في ذلك الوقت.
خلال سنوات حكمه، خاض محمد علي الكثير من الحروب والمعارك على المستوى الداخلي ضد المماليك والإنجليز، وخارجيا خاض حروبا بالوكالة عن الدولة العثمانية في جزيرة العرب وضد الثوار اليونانيين، استطاع أن يوسع أركان دولته جنوبا من خلال ضم السودان إلى مصر، ثم اتجه لمحاربة جيوش الدولة العثمانية في الشام والأناضول.
حقق محمد علي، خلال سنوات حكمه لمصر نهضة واسعة، شملت مختلف الجوانب العسكرية والتعليمية والصناعية والزراعية والتجارية، وهو الأمر الذي جعل من مصر دولة ذات ثقل كبير في تلك الفترة، لكن مع ضعف خلفائه وتخليهم عن الكثير من المكاسب التي حققها محمد علي، سقطت دولته مع إعلان الجمهورية وإلغاء الملكية في مصر يوم 18 يونيو 1953.
ولد محمد علي في مدينة قولة التابعة لمحافظة مقدونيا شمال اليونان عام 1769، لأسرة ألبانية، أنجب والده “إبراهيم آغا” سبعة عشر ولدًا لم يعش منهم سوى محمد علي، الذي فقد أبوه وهو في سن صغير، ثم ماتت أمه وهو لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، فأصبح في كفالة عمه “طوسون”، حتىتوفي هو الآخر، ليضمه حاكم قولة صديق والده “الشوربجي إسماعيل” إلى سلك الجندية.
في الجندية، أثبت محمد علي شجاعة منقطعة النظير، وأصبح مقربا من الحاكم، فقرر أن يزوجه من امرأة غنية تدعى “أمينة هانم”، فأنجب منها إبراهيم وطوسون وإسماعيل وابنتين آخريتين. في هذه الأثناء قررت الدولة العثمانية إرسال جيش إلى مصر لانتزاعها من أيدي الفرنسيين، وكان محمد علي نائب رئيس الكتيبة الألبانية التي جاءت إلى مصر، لكن على مشارف ميناء أبو قير في ربيع عام 1801، قرر رئيس الكتيبة ابن حاكم قولة أن يعود إلى بلده فأصبح محمد علي هو قائد الكتيبة.
مع فشل الحملة الفرنسية على مصر، وانسحابها عام 1801، بدأت الخلافات تدب بين المماليك والعثمانيين من أجل الصراع على حكم مصر، في ذلك الوقت عمل محمد علي على تغذية الصراع بين الطرفين، والوقيعة بينهما من خلال قواته الألبانية، بالتزامن مع محاولات تودده المصريين والتقرب منهم.
في مارس 1804، تم تعيين “أحمد خورشيد باشا” واليا على مصر، ومن أجل إبعاد محمد علي عن محور الأحداث، قرر خورشيد إرساله على رأس حملة إلى الصعيد لمواجهة المماليك، بينما أرسل خورشيد في طلب قوة عسكرية إضافية، عاثت في القاهرة فسادا وتخريبا، وهو ما أشعل الغضب تجاه خورشيد بين المصريين، وانتهى الأمر بعزله مع اختيار محمد علي ليحل محله في الحكم.
ونتيجة لضغوط المصريين، قرر السلطان العثماني في 9 يوليو 1805، تولية محمد علي على مصر بعد أن بايعه أعيان الشعب في دار المحكمة ليكون واليًا على مصر في 17 مايو سنة 1805م. وبالرغم من أن محمد علي استطاع هزيمة المماليك، وإبعادهم إلى جنوب الصعيد، إلا أنه ظل متوجسًا من خطورتهم، لذا لجأ إلى إستراتيجية بديلة وهي التظاهر بالمصالحة واستمالتهم حتى يستدرجهم للعودة إلى القاهرة ويتمكن من القضاء عليهم.
عقب التخلص من المماليك في مذبحة القلعة الشهيرة، اتجه محمد علي إلى بناء الدولة المصرية الحديثة، وتشييد أركانها العسكرية عبر تقوية الترسانة العسكرية، فضلا عن إرسال البعثات التعليمية إلى الخارج، مع العمل على تطوير الصناعة المحلية، وتنمية الزراعة، حتى أصبحت مصر في عهدة قوة لا يستهان بها، وتمتلك نفوذا واسعا، حتى توفي في يوم 2 أغسطس 1849.