قصة تزوجت بها سرًا (الجزء الأخير)
بعد طلاق زوجتي، قررت أن أبدأ حياتي من جديد وأعيش بسعادة، تخليت عن كل ماضٍ وراءي وأصبحت أنظر إلى الحياة بطريقة أنانية وبدون الاهتمام بأي شخص آخر. كنتُ أعيش فقط من أجل نفسي ولزوجتي السابقة، وكنتُ سعيدًا لأنها كانت تنتظر طفلاً. لم أهتم بأطفالي السابقين ولم أسمع صوتهم لأشهر ولم أعرف شيئًا عن حالهم. كانت حياتي تركز فقط على نجاحي وعلى طفلي الجديد وعلى زوجتي التي تركت كل شيء من أجلها، ولكن القدر أراد أن يعلمني درسًا صعبًا.
أثناء احتفالنا بعيد ميلادها مع بعض الأصدقاء الجدد، ونحن عائدين في السيارة بعد منتصف الليل، ظهرت سيارة فجأة أمامي، فحاولت تفاديها، لكن سيارتنا انحرفت عن الطريق واصطدمت بالسور الحديدي. تم نقلنا فورًا إلى المشفى، وتعرضت قدمي اليمنى لإصابة خطيرة، في حين فقدت زوجتي جنينها.
بعد أن مكثت في المشفى لعدة شهور وأجريت العديد من العمليات الجراحية، عدت إلى المنزل خالي الوفاض، وكانت زوجتي هي التي تعيلني وتتكفل بعلاجي، لكنها لم تفعل ذلك بصمت، بل كانت تعبر عن استيائها وخيبتها بسبب فقدان جنينها، وتلومني على عجزي وتعايرني بعلتي. بعد انتهاء مرحلة العلاج الطبيعي، لم يحدث أي تحسن ولم أستطع المشي، فنصحني الطبيب بإجراء عملية جراحية خارج البلاد لإعادة قدمي لحالتها الطبيعية. وللأسف، لم يكن يعلم أنني لم أعد أمتلك أي شيء، وأصبحت حالتي النفسية سيئة للغاية، ولم أجد أي دعم أو مساندة من زوجتي، بل كانت دائماً في حالة غضب وصراخ، ولم تخلو أيامنا من المشاحنات والمشاجرات، والاتهامات المتبادلة، وصارت حياتنا جحيمًا، حتى أن زوجتي رحلت عني في يوم من الأيام.
تركتها ظهراً ولم تلتفت للخلف، فوجدت نفسي وحيداً وعاجزاً دون عمل أو أي مصدر دخل، وكان بعض الأصدقاء هم الذين ساعدوني للعودة إلى الوطن. عدت إلى شقتنا الصغيرة مكسور الجناحين وذليل الروح، وفي تلك اللحظات التي تتعرض فيها للمصائب، يجب أن تجلس وحيداً وتتذكر الأخطاء التي ارتكبتها، والتي ظننت في يومٍ من الأيام أنها تستحق القيام بها، والتي أدت بي إلى ما أنا فيه الآن من بؤس، كما ظننت أن الوقت سيتلاشى هذه الأخطاء، ولكن بدلاً من ذلك، كانت المصائب تزداد تباعاً.
عندما وصلت إلى المنزل، زارتني أمي، التي لم تهجرني مثلما فعلت زوجتي معها. لقد رعت أمي حتى أصبحت كبيراً، وعندما كنت لا أسأل عنها ولا أهتمُ بأخبارها، ولم أدرك حتى حدٍ ما مدى قصوري في حقها وفي حق أولادي. تلك المصيبة التي تعرضت لها كانت مثل خطابٍ شديد اللهجة من الله، يوجهني لأفكر فيما فعلت وما يجب علي فعله، فلم يفاجئني نجاح أمي فهي امرأة قوية وعنيدة، ولكن ما حدث بعد ذلك كان مفاجئاً…..
استيقظتُ من نومي لأجد زوجتي السابقة تمدُّ يدها لمساعدتي على النهوض، لم أكن متأكداً إن كنت أحلم أم لا، لكني قمت بتلمس كف يديها لأتأكد من وجودها أمامي. ثم نظرت في عينيها ووجدت فيها الكبرياء، قالت لي بعد ذلك: “بحثت عن طبيب ليقوم بجراحتك لفترة من الوقت، وعلمت اليوم أن هناك طبيبًا أجنبيًا سيحضر لإجراء جراحات مشابهة لحالتك، وقد حجزت لك في المستشفى وتكفلت بكافة المصاريف.”
عندما أستيقظت من النوم، وجدت زوجتي السابقة تمد يدها لمساعدتي على النهوض. لم أصدق ما رأيته في البداية، فظننت أنني أحلم، لكنني تأكدت فيما بعد من وجودها أمامي. بكبريائها، نظرت في عيني وقالت إنها بحثت عن طبيب لإجراء جراحتي، وتكفلت بكل المصاريف لتأمين علاجي. بالرغم من كل الأخطاء التي ارتكبتها معها، كانت تريد مساعدتي كوالد لأبنائها، ووعدت أن تكون دائماً إلى جانبي طالما استطاعت ذلك. بعد إجراء الجراحة، بقيت معي ومع أطفالي حتى شفائي التام. ورغم كل ذلك، تساءلت دائماً إن كنت خائناً؟ نعم، أنا خائن، وبكل جدارة. خنت زوجتي التي أحبتني واختارت أن تكمل حياتها معي، وقدمت لي كل الدعم والحب على الرغم من عيوبي وسوءاتي. ولم أفعل مثلها يوماً، ولم أقم بأي عمل لأحافظ عليها. لقد تمردت عليها وعلى حبها تحت مسمى “الشرع”، وكنت أريد فقط أن أرضي نفسيتي المريضة وشعوري بالنقص. لقد شعرت أنها الأفضل والأقوى، ولكن في الحقيقة كانت هي من كانت الأفضل والأقوى، فقد كانت تحملتني وساعدتني حتى استطعت الوقوف على قدمي.
لم يكن لديّ الوعي الكافي لمدى حبها وتضحياتها من أجلي، ولم أستطع أن أرى ما هو أعمق من ذلك. أردت أن أثبت لنفسي وللجميع كم أنا ضعيف وسيء، وكم لا أستحق كل ما فعلته من أجلي. ورغم كل ما فعلته معها، إلا أنها وقفت بجانبي وأعادتني للحياة من جديد. كنتُ أتمنى أن أتمكن من الانحناء أمامها وطلب المغفرة، لكني أدركت أن ذلك لا يمكن حدوثه. فهل يمكن أن تسامحني يومًا ما؟ هذا هو السؤال الذي سيطاردني إلى النهاية.
تمت