قـصة جدتـي (الجزء الأول)

أمس، جاءت إليَّ طالبة لأول مرة أراها تقريبًا، وقالت لي أن جدتها ترغب في أن أعطيها درسًا خصوصيًا في المنزل. نظرت إليها بابتسامة رقيقة وحاولت أن أستفسر منها لماذا تحتاج إلى درس خصوصي. حاولت أقنعها بأنها إذا كانت تحضر وتبذل جهدًا ستفهم كل شيء، ولكن الغريب كان أنها كانت مصرة جدًا وتكررت جملة واحدة فقط:

“ماليش دعوة عاوزاك تيجي تديني درس خصوصي وإلا جدتي هتضربني.”

ظلت الفتاة تكرر هذه الجملة بطريقة غريبة لدرجة أنها انهارت وانهمرت في البكاء. عانقتها بلهفة وبقيت أهدأها. كنت مندهشًا من إصرارها هذا، فهي لا تزال في الصف الخامس الابتدائي، فما الذي يجعلها تطلب طلبًا كهذا، خاصةً أنني لم أسبق وأن قمت بمثل هذا الأمر من قبل.

طمأنتها أنني سأحاول أن تهدأ ومن ثم عدت إلى صفها واستكملت يومي كالمعتاد. ومع ذلك، استمرت الفتاة في التفكير بطريقة غريبة، شعرت أن هناك أمرًا أكبر من مجرد درس خصوصي. عندما عدت إلى المنزل في فترة العصر، صليت وأكملت قراءة القرآن في المسجد حتى المغرب. ثم أدَّيت الصلاة واستمريت حتى صلاة العشاء. بعد ذلك، بدأت في استقبال حالات المرضى النفسيين وقراءة الرقية عليهم.

تعلمت كل هذا من والدي، الشيخ وسيم – رحمه الله – الذي كان حافظًا للقرآن وفقيهًا في الدين، وبعض الناس اعتبروه عالمًا من علماء العصر الحديث. كانت له عبارة واحدة ترددها دائمًا:

“ساعد الناس يا أحمد، ولو بحياتك.”

“إننا خُلقنا لنساعد الناس.”

اتبعت منهجه واقتربت من الله، وتعلمت وفهمت ديني حتى أصبحت معالجًا شهيرًا يستقبل حالات السحر والعين والمس والأمراض النفسية بعد صلاة العشاء حتى الساعة 11 مساءً. كنت أستطيع مساعدة الناس في جميع هذه الحالات، وكانت الصلاة هي السلاح الأقوى الذي كان بحوزتي.

أعرف كيف أقنع الناس بأهمية الحفاظ على صلاتهم، فهي تعتبر علاجًا لجميع الأمراض، سواءً كانت روحية أو نفسية. وليست أي صلاة، بل صلاة تعبدية صحيحة لله وحده، ليس مجرد صلاة روتينية، وبمعرفتهم كيفية توثيق العلاقة القوية بينهم وبين الخالق من خلال الصلاة، وعلمهم أن النجاة تتمثل في هذه العلاقة، سواء في الدنيا أو الآخرة.

انتهى يومي بسكينة غير المعتادة، لم يكن هناك حالات سحر قوية أو مس مُطلق. بدأ يراودني شعور بأن هناك صراعًا كبيرًا يقترب. استعنت بالله وعدت إلى منزلي ونمت لأنني كان لي يوم دراسي في اليوم التالي. وخلال نومي، شاهدت هذا الحلم الغريب…

كان هناك ثعبان ضخم يغرق في وحل ثقيل وكان يسحبه للأسفل، وهو يستغيث بي بكل الطرق. الغريب في الأمر أنه، على الرغم من أنه ثعبان يمكنه أن يلدغني، بدأت أشدّه بقوة من قلب الوحل، وكلما شددت عليه كان يتحول إلى هدهد جميل المنظر. ومع ذلك، كان التحدي شاقًا ومرهقًا للغاية، حتى استيقظت مرهقًا من هذا الحلم بطريقة غريبة.

في اليوم التالي، ذهبت إلى المدرسة، وكانت الحصة الرابعة في فصل الفتاة التي طلبت الدرس الخصوصي. نظرت إليها وسط الفتيات، ولكنني لم أرها، فأخذت الغياب وراجعته وكان هناك فتاة واحدة غائبة باسم “تقى”.

شـاهد الجزء الثاني من هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى