طـعــ,ــنة من قريب (الجزء الأخير)
في منزل سليم وهنا، وصل سليم من العمل وبدأ يناديني بصوت مرتفع وأنا كنت مشتتة ومصدومة من الأمر وتجاهلته بينما جذبت رجلي لحضني وهزت رأسي، وقلت بصوت متقطع ودموع تملأ عيني: “هنادي ويزن هما اللي فعلوا ذلك يا سليم، أختي خذلتني بسببك، أختي طعنتني في قلبي وروحي بسببك!”، واستمريت في التحدث بغضب: “يزن اعتدى عليَّ وكان هنا وكان يحاول تكرارها؟”، بعد ذلك، شعرت بالقوة في سليم وهو ينظر إليَّ بغضب واستياء، وقال بصوت ضعيف: “والله سأدمرهم، سأنهيهم تمامًا!”، فأجبت بصوت مبحوح من جراء البكاء: “هل يمكنني أن أذهب لرؤيتها؟”،
فأجاب سليم بضعف: “نعم، بنحاول سويًا”. وصلنا إلى المستشفى، أنا وسليم ويزن، سليم ذهب لمكتب الاستقبال لمعرفة ما حدث وأنا بقيت واقفة خارج الغرفة بحالة من الارتباك. عندما دخلت إلى غرفة هنادي، لم أتمكن من تمييز ملامحها، وفي تلك اللحظة، أدركت أن الشر يجعل الإنسان وحشًا حتى في مظهره الغامض. اقتربت من وجهها وقبَّلتها وهي تبكي وتحاول جمع قواها لتحضني كأنها تعرف أنها ستغادرني قريبًا، ضممتها بشدة وأتمنى لو تبقى بجانبي،
حتى لو جرحتني كل يوم، لكن لا تتركيني وحيدة. بعد ذلك، أخرجتني من حضنها وأصرت على التحدث، قالت لي بصوت ضعيف: “قمي واغسلي وجهك أولًا”. ذهبت إلى الحمام المجاور وفجأة سمعت صوت سليم يهدد هنادي بشدة وقوة، قال لها: “لا تجرؤي على قول أي شيء، أنتِ في طريقك للموت وتأكدت من ذلك في المستقبلية. وأضاف بخبث: “ألا تزالين تحتفظين بالطفل؟ لماذا؟ أليس من الأفضل أن تجعليه ينزل بدلاً من أن أفضحكِ؟ هذا هو جزاء الحب بالنسبة لك، إنه جزاء التهاون يا لعينة”.
بعد خروجي من الحمام، كنت أضحك بشدة حتى بدا صوت ضحكي عاليًا جدًا. دخل يزن الغرفة ولوحظت ردة فعلهم جميعًا، لكن نظراتي تجاه تؤامتي هنادي كانت مؤلمة أكثر. رددت كلمة واحدة فقط قائلة: “أنتم طعنتموني في قلبي!! حسبي الله ونعم الوكيل!!” اقتربت من سليم ببرود وأخبرته بصوت واضح: “طلقني يا سليم، لو سمحت!” نظرت لعينيه التي كانت مليئة بالدموع وغمضها بوجع. رد عليَّ سليم قائلاً: “أنتِ طالقة.” أجبته بقوة: “قول أنتِ طالق بالثلاثة، لستُ راغبة في العودة لك.” وهو يغلق عينيه بألم، قلت له: “أنتِ طالق بالثلاثة يا هنا.” أخذت نفسًا عميقًا كأنني أزحت همًا كبيرًا عن قلبي. نظرت لهنادي بابتسامة وقلت لها بشوق: “وأنتِ يا ضيَّ عيوني، ستكونين بخير. لن أترككِ وحدك.” أحضنتها بشوق وقلت لها: “حرام عليكِ، لماذا فعلتِ ذلك؟ لماذا كسرتِ ظهري بقسوة؟ جلبتِ هذه القسوة من أين يا هنادي، يا قلب أختي وصديقتي في كل أيامي، يا تؤامتي.” هنادي نطقت كلمة واحدة فقط وهي: “احضنيني قويًا يا هنا، أشعر بالبرد.” هنادي قالت لي كلمة لم أستطع نسيانها من كثرة الضعف في صوتها: “سامحيني.”
أطلقتها من حضني بعدما شعرت بها وأنها تنطق الشهادة في سرها. قلت لها: “مسامحةً، والله أنا مسامحةً وأيضًا غلاوتكِ مسامحةٌ. أنا أعشقكِ يا روح هنا، لا تخافي على قلبي وروحي وعمري، أنا مسامحةٌ لكِ بعد كل ما حدث، بعد موت هنادي وبابا. مات بابا بعد موتها مباشرة، وعندما علم بما حدث وما فعلوه بي، سامحوني هما وسليم اختفى، ويزن لا يزال يراقبني من بعيد للتأكد أنني بخير. وأمي أصرت بعد طلاقي من سليم ووفاة هنادي أن أذهب إلى طبيب نفسي. ذهبت وبعد أن عرفت كل شيء وأخبرته عن كل شيء، وبعد جلسات لا يمكنني أن أعدها، قال لي الطبيب: ‘أنتِ مسامحةٌ لها.’ رددت ذلك بدموع وأشعر بالألم الشديد: كرهت نفسي حتى من غير وجودها، حتى لو كانت تكرهني، ولكن وحشتني جدًا.” قال الطبيب: “وماذا عن سليم؟” أجبته: “سليم لا يهمني بتاتًا، كرهني في الحب، إن كان الحب أن تؤذي أقرب الأشخاص إليك، فهو في الحقيقة جحيم الحب.” قال الطبيب: “وماذا عن يزن؟” أجبته بثقة: “يزن هو الوحيد الذي لا يمكنني أن أكرهه أو أحبه، ولكن بالتأكيد ما فعله في حقي لا يمكن تسميته بالحب.” قال الطبيب: “حسنًا، بما أننا قضينا وقتًا طويلًا معًا، قمت بتدوين كلماتك من البداية إلى النهاية في أجندتي. هل ترغبين في أن أسميها على اسمك؟ ربما تودين أن تقرأيها في المستقبل أو تتذكريها.” ضحكت وقلت: “قصتي محفورة هنا في شاور قلبي، لكنه أصر أن أذكر اسمها.” أجبته بثقة وجرأة: “طعنةٌ من القريب.” “إنها كانت طعنةٌ، ولكنها أحيتني من جديد.”