قصة المسجـد المهـجور (الجزء الثاني)
كان خالي ينظر إليّ بدهشة عندما استمع لجملة غريبة قلتها بعدما أكملت صلاتي، وهذه الجملة كانت: “أبشر.. وصلاة جماعة أيضًا”. لم أكن أفهم سر هذا الكلام، فقد كان المسجد فارغًا ومهجورًا، وكنا نحن الوحيدون الذين كنا هناك. هل هذا الشخص مجنون؟ كانت تلك الأفكار تراودني أثناء صلاة العصر.
بعد الانتهاء من الصلاة، التفت إلى الشاب الذي كان يصلي وكان يظل مستغرقًا في التسبيح. سألته عن حاله، وأكدت له أن كلماته أثارت فضولي ومنحتني فكرًا واضحًا. سامحته على أنني تشتتت أثناء الصلاة بسبب هذا السؤال، وسألته عن الشخص الذي كان يكلمه. رد بابتسامة، وبدا وكأنه يتأمل، وكأنه يتردد في أخباري بما حدث.
أكدت له أنني لا أعتقد أنه مجنون، فقد كان هادئًا جدًا وقد صلينا معًا وكان تصرفه محمودًا. لكنه أجابني بأنه كان يكلم المسجد. اندهشت من هذا الجواب وتساءلت إن كان المسجد قادرًا على الكلام. رد عليّ قائلاً إن الحجارة لا تتكلم وهو يعتبر هذا المسجد مجرد حجرًا. ولكنه أخبرني بأنه يحب المساجد بشكل كبير، وكلما عثر على مسجد قديم أو مهجور يفكر فيه.
يعبّر عن تأثره عندما يتخيل الأيام السابقة عندما كان الناس يصلون فيه، ويشعر أن المسجد يشتاق للطاعة والتسبيح ويتمنى لو أنه لا يبقى مهجورًا. يُلقي عليه السلام ويتخيل رؤية أحد يرتقي سُلمه ويصلي فيه، حتى لو كان مارًا في الطريق ويكبر الله. وقال لنفسه بقوة أنه لن يدع شوقه ينطفئ، وسيعيد البهجة لأيامه الخاصة بالمساجد، سيدخل ويصلي ركعتين تحية لله وسيقرأ جُزءًا كاملاً من القرآن الكريم.
ثم أكد أن هذا ليس أمرًا غريبًا، بل هو مشاعره الصادقة تجاه المساجد وحبه العميق لها.