ثلاثةٌ لا تقربُهم الملائكةُ

قال رسول الله ﷺ :

ثلاثةٌ لا تقربُهم الملائكةُ : الجنُبُ ، و السَّكرانُ ، و المتَضَمِّخُ بالخَلوقِ

الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب

الصفحة أو الرقم: 174 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

التخريج : أخرجه البخاري في ((التاريخ الكبير)) (5/74)، والطبراني (11/361) (12017) بنحوه، والبزار كما في ((الترغيب والترهيب)) للمنذري (1/90) واللفظ له.

 

حذَّرَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من جميع الآثام والشُّرور التي تُبعِدُ الناس عن رحمة الله عزَّ وجلَّ.

في هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “ثلاثةٌ لا تَقرَبُهم الملائكةُ”. يُقصد بالملائكة هنا الذين يَنزِلونَ بالرحمة والبَركة دون الحَفَظةِ؛ فالحَفَظةُ لا يُفارِقونَ العبدَ في جميع الأحوال. فالملائكةُ أصنافٌ؛ منها: الحَفَظةُ، الكَتَبةُ، ومنها من ينزل بأمر الله بالرحمة أو العذاب. أول هؤلاء الثلاثةِ هو “الجُنُبُ”، وهو من جامع النساء أو نزَلَ منه مَنيٌّ باحتلامٍ أو غيرِه. هذا تحذيرٌ لمن يُؤخِّر الغُسلَ لغير عُذرٍ تَهاوُنًا وكَسلًا، ويتَّخِذُ ذلك عادةً. قد يُقصد أيضًا من اجتنبَ من مُحرَّمٍ، أما من اجتنبَ من حلالٍ فلا تَجتنِبُه الملائكةُ ولا البيتُ الذي هو فيه. فقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصبِحُ جُنُبًا بغيرِ حُلمٍ ويَصومُ، ويطوفُ على نسائِه بغُسلٍ واحدٍ. قد يُقصد أيضًا من اجتنبَ باحتلامٍ وترك الغُسلَ مع وجودِ الماءِ فبات جُنُبًا، لأنَّ الحُلمَ من الشيطانِ، والملَكُ الذي هو عدوُّ الشيطانِ يتجنب من تلاعب به الشيطان في اليقظة أو المنام.

الثاني: “السَّكْرانُ”، وهو من شربَ الخَمرَ حتى ذهبَ عقلُه، لأنه حين يَسكَرُ يكونُ عُرضةً لارتكاب جميع الموبقاتِ والآثامِ، بالإضافة إلى نجاسة الخَمرِ، ولأنَّه لا يرتكب ذنبه وهو في كاملِ الإيمانِ، بل يُنزَعُ منه حينَ شُربِه للخَمرِ، ثم يعودُ إليه بعدَها. وقد قيل إن مُدمِن الخَمرِ كعابدِ الوثنِ، كما ورد في رواية ابن ماجهْ. وقد جمع اللهُ بين تحريم شُربِ الخَمرِ وعبادةِ الوثنِ في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]. كل هذا يمنع الملائكةَ من الاقترابِ منه.

الثالث: “المُتضمِّخُ بالخَلوقِ”، والخَلوقُ هو طيبٌ مُلوَّن يُصنعُ من الزعفرانِ وغيره، وهو خاصٌ بالنِّساءِ. التَّضمُّخُ هو التلطُّخُ بهذا الطيبِ والإكثار منه، لما فيه من تشبُّه بالنِّساءِ، مما يُشعِر بخِسَّةِ النفس وسقوطها، ويقع في معصية تُغضِبُ الله.

الحديث يُثبِت أنَّ الملائكةَ تَنزِلُ وتقتربُ من الناس بأمر الله، ويُحذِّرُ من التَّشبُّه بالنِّساءِ بالتزيُّنِ بما له لونٌ مثل الصُّفرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى