قصة خـ.ـيانة زوجية (الجزء الأخير)

بعد مضي ثلاث ساعات من النوم، استيقظت بسرعة وكنت متعجلاً لمعرفة المزيد والمزيد عن ما تخفيه عني. توجهت إلى الغرفة التي كانت فيها، وعندما اقتربت من الباب، وجدته في نفس الحالة التي كانت عليها فيها البارحة، جالسة في نفس المكان. دخلت الغرفة بالطبع، ووقفت قرب الباب. كانت الغرفة هادئة ولم أسمع أي صوت يصدر منها. وقفت هناك لمدة تقريبًا خمس دقائق، وفي ذلك الحين سمعت هاتفها يرن. علمت حينها أن هذا هو ما أرغب في معرفته.

ردت على المكالمة، وكانت لها اندهاش واضح. أجابت بنفس الطريقة التي تجيب بها عادة عندما تتلقى مكالمة على هاتفها. بعد الترحيب الحار، قالت: “سأشغل جهازي الآن وأراك، هل تقصد أنني سأشغل هاتفي المحمول حتى نتحدث بالصوت والصورة؟” بعد ذلك، انصرفت إلى غرفتي بسرعة، لأن جهازها كان موجودًا في غرفة النوم لدينا.

تمددت على سريري لبعض الوقت، وبعدها دخلت الغرفة وتوجهت نحو الجهاز. أخذته وقدمته لي ليراني إن كنت نائمًا أم لا.

خرجت من الغرفة وكانت حركتها طبيعية، لا تُظهر أي تردد أو خوف. أغلقت الباب بشكل طبيعي أيضًا، بدون أي انزعاج من خوفي على استيقاظي. في تلك اللحظة، تذكرت في نفسي أن المعرفة والثقة هي ما أعطتها الجرأة على فعل ذلك.

بعد التأكد من فرضيتي، قلت في نفسي: “حان الوقت لوضع النقاط على الحروف وكشف الحقيقة، أنا كنت فعلاً غبيًا ومخدوعًا، لكن الآن أدركت الحقيقة وكشفت كل شيء.”

وفعلًا، تحركت بسرعة نحو الغرفة التي كانت فيها، ودخلت عليها بشكل مفاجئ ومسرع.

وها هي أمامي باللباس النوم الجديد الذي اشتريته لها اليوم. اقتربت بسرعة من الجهاز، ووجدت أن إضاءة الكاميرا الخاصة به مشتعلة. أغلقت الجهاز بقدمي، وفي تلك اللحظة لم أستطع أن أمنع دموعي من التساقط من عيني دون أن أشعر.

وهي تنظر إليّ وتذكرني بالوعد والعهد الذي قطعته على نفسي وأمامها وأمام الله منذ أيام مكالماتنا في فترة الخطبة. أكدت لها أنني لن أفلت يدي عليها ولن أقوم بضربها أو فعل أي شيء من هذا القبيل، مهما حدث. أبقيت على وعدي وعهدي، وألقيت عليها الكلام الذي هطل عليها كالمطر، وأنعشت ذاكرتها بأشياء قمت بها لخدمتها ولا يقوم بها إلا القليل من الرجال لزوجاتهم. ذكرتها بكل كلمة كانت تقولها لي في ذلك الوقت.

ثم خرجت من تلك الغرفة بعدما أخبرتها في الصباح الباكر بأنني لا أرغب في رؤية أي من ملابسها في خزانة الملابس، وأنني أرغب في وضعها جميعًا في الحقائب حتى تبتعدي عن وجهي وتغادري إلى بيت عائلتك.

لحقتني في غرفة النوم، وكانت في حالة يرثى لها. كانت تسقط على قدمي وترغب في تقبيلها. تمددت على سريري واحتضنت ابني الذي استفاق مفزوعًا من نومه بسبب تصرف غريب من والدته. نظرات الطفل تدل على أنه يحتاج للحضن، فعانقته وطلبت منها أن تخرج من الغرفة.

في الصباح، نهضت ووجدتها في الصالة، فأخبرتها أنها يجب أن تذهب إلى بيت عائلتها. طلبت منها الرجوع وقالت: “أرجوك، ولأجل أمي الطيبة التي كانت تدعمك في كل شيء، لا تدخلني عليها في الصباح، ولكن في المساء أنا مستعدة لكي توصلني إلى بيت عائلتي، ألبي طلبها لأجلها”.

تركتها حتى المساء، وكان هذا التأجيل بناءً على طلب أمها، فهي امرأة طيبة وتقيّة، ولا تستحق أن تفاجئ ابنتها بدخولها في الصباح الباكر وهي تحمل أمتعتها.

خلال تلك الفترة من الصباح حتى المساء، كانت تتبعني من مكانٍ إلى آخر في أنحاء المنزل، وكلما جلست في مكان ما، كانت تمسك بقدمي ولم يكن لها سوى القول: “لم أقابل رجلاً مثلك، فأرجوك، لا تتركني”.

وكلما قلت لها: “صنعت من نفسي رجلاً حسنًا يخاف الله في زوجته ويهتم بها بشكل جيد، وألبي احتياجاتها بكل حرص واجتهاد. حتى لو كان هذا صعبًا بالنسبة لي، أجبرت نفسي على تلبيته”. هل هذا صحيح؟ تقول: “نعم، ولم تقصر، والله شاهد على ذلك”.

ثم سألتها: “لماذا فعلتي ما فعلتيه معي؟”، لكنها لم ترد عليّ. ثم قلت لها: “هل خانتك وخانتني بسبب قصورٍ من جانبي في أيٍ من حقوقك؟” فأجابت: “لا والله، والذي خلق ولدي، لم يكن لديك أي قصور”. قلت لها: “والله، أنا صدمت بشدة، صدمةٌ عميقة من ما فعلتيه بحقي، والأكثر صدمةً هو أنكِ من ذلك البيت الذي يربي أولاده وبناته على مرضاة الله، وتردّين عليَّ بهذه الطريقة وتقولين ببساطة كفاني الله من كلامك، مما أصاب قلبي بالألم”.

واستمرينا في العتاب، وكانت تقدّم الاسترجاعات، حتى قامت بفعل هديةٍ لي من غضبي وزادت من حزني. ذهبت وحملت ولدي، الذي لم يتجاوز الخمس سنوات، وأحضرته لي من عند التلفاز. وعندما وصلت به إليَّ، قالت: “ارجوك، لا تحرمني من أن يعيش بيني وبينك، واتركني هنا، كأنني خادمةٌ تخدمك وتخدمه، وأنت تفعل ما تشاء”. ثم بدأ صوتها يرتفع بالاسترجاعات، وقلبي بدأ يميل للرحمة والعطف عليها وعلى ابني وعلى بيتي، الذي سيتعرض للخراب بسبب خطأ قامت به.

قلت لها: “سوف…”، حتى أتاني اللطمة القاسية من ابني. قال لي: “لقد تركتني أمي ألعب وحدي، وذهبت خارج المجمع، ولم تعود إلا بعد ثلاث ساعات”. اشتعلت النيران في صدري، وجسدي تعانقته الغضب والحيرة. يا الله، يا الله، ماذا أفعل؟ يجب أن أراقبها.

أول صدمة لي حدثت عندما اعتقدت أنني نائم، فتسللت من غرفتي ووقفت أمام باب غرفتها لأستمع إلى ضحكاتها وكلمات العشق والهوى التي تقولها لعشيقها. كانت تصفني بأبشع الأوصاف، تدعي أنني عاجز جنسيًا وغير قادر على تلبية رغباتها. اشتعلت النيران في جسدي، فماذا أفعل مع هذه الخائنة الغادرة؟

قمت بأفعال تتجاوز حدود القانون، فبدأت في التفكير في قتلها. لكنني شعرت بدوار شديد وفقدت وعيي، ولم أستعد إلى أن بعثت بعد ثلاثة أيام في المستشفى، حيث كنت أعاني من جلطة في القلب. أتمنى الموت بدلاً من الحياة…

وجدت أهلي وأهلها ينتظرونني في المستشفى، وكانت هي تقف بينهم بدموع زائفة كالتماسيح. أشعرتني بالاشمئزاز وأتمنى ألا أراها أبدًا.

بعد عدة أيام، تماثلت للشفاء وغادرت المستشفى، لم يكن بيننا أي حوار، ولم تعتذر ولا وجدت أي مبرر لخيانتها. مرت الأيام وعاشرتها في برود تام، ولم يكن هناك بيننا سوى الحديث الضروري والطعام وأمور المنزل فقط.

كنت أعلم أنها لا تزال تخونني، فقررت أن أنهي هذا العار وأتخلص منها ومن العار الذي يلتصق بنا في كل لحظة وفي كل مكان. كنت أدرك أنني ضعيف وغير قادر على معاقبتها أو طلاقها.

فكرت في ترك كاميرا مراقبة في غرفتها وإخفائها في مكان لا يمكنها العثور عليه، لكن هذا الفكرة غير صحيحة، فقد تمتنعت عنها. ودعوت ربي لينقذني منها وتضرعت ودعوت كثيرًا…

ثم جاءت الكارثة الكبرى، بغفلة منها، وجدت فيديو لها مع عشيقها على اللابتوب، إذ أرسله لها مؤخرًا ولم تحذفه. كشف الله خيانتها. حمّلت الفيديو على قرص وقررت ما إذا كنت سأخبر أهلها وأريهم الفيديو.

ولكن قبل أن أتخذ أي قرار، خرجت هي كالمعتاد للتسوق، لكنها ذهبت لملاقاة عشيقها أثناء عبورها الشارع، واصطدمت بها سيارة وقتلتها على الفور…

شكرت الله على وفاتها دون أي خسارة لي، لأنها قتلت نفسها بنزواتها الشيطانية. لم أحزن على موتها، بل حزنت على حبي لها وكيف قد خدعتني…

لما استعدت من صدمتي، قمت بتحطيم القرص المدمج وأدركت أن الله هو الحليم الستَّار، فلا يمكنني أن أكشف عنها بعد وفاتها، بل أدعو لها بالرحمة وأن يغفر الله لها.

ومع موتها، ينتهي معاناتي وأحزاني، ويتزوجني أختها التي تتمتع بأخلاق عالية وتحافظ على بيتها وزوجها وابن أختها. وقد أنجبت ثلاثة أولاد وبنتين، فهي بالفعل نعمة كزوجة.

إنهما شقيقتان، ولكن الفارق الكبير بين الملائكة والشياطين يظهر بوضوح سبحان الله.

إذا أتممت القراءة فـ صل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى