طـعــ,ــنة من قريب (الجزء العاشر)
هنادي: أنا عندي سرطان، أيها الأغبياء! بصوت يعبسه الألم والحسرة، أنتم جميعًا تكرهونني، لا أحد منكم يشعر بي أو بألمي، أو بضعف جسمي الذي انهار بسبب تفشي السرطان فيه. حتى والدي وأمي لم يهتموا بألمي ولم يلاحظوا وجودي. وأنا كل ليلة أسحب نفسي بصعوبة لأذهب إلى الحمام وأتقيأ الدم. أدركت أخيرًا أن لدي سرطان في مرحلته الأخيرة، وزادت كراهيتي لنفسي وللجميع. كلما اختطف السرطان جزءًا مني، أقتطع جزءًا من شقيقتي، وكأنها المسبب لآلامي. لست أكرهها، لكنني أحاسبها وأأخذ منها ثمن حبي وألم قلبي وجسمي الذي يعاني. على سليم أن يكون له حبيبة جديدة، حيث أن حبه لي ما زال قائمًا حتى الآن ولم يتلاشَ. لم يرحل سوى بالموت، يا يزن، هل تفهم؟ الموت هو ما سينهي معاناتي، وليس شيء آخر.
يزن، وهو يتألم ويشعر بالحزن، لا يعرف إن كان يبكي على حالة هنادي أم يندب فوات الأوان: أنا هنا بجانبك، معك.
ثم ابتعد عنها بقسوة وقوة.
هنادي: ابتعد عني، كيف تقترب مني؟ أنت أصبحت مجنونًا؟! أنت مجرد واحدة تحركها بإصبع قدمي الصغيرة. وبعدين، أنا لست بحاجة لأحد بجانبي، أنا قوية بمفردي، ولوحدي. أنت فاشل وتحاول أن تدعم نفسك وتعيش على حسابي. هل فشلت في أخذ الفتاة التي أحببتها؟! فعلت شيئًا سيئًا! أنا سأجعلك تعاني فقط ولا تؤذي غير نفسك، أيها الذكي. هل تجرؤ على ذلك؟
فجأة، رأت هنادي قلمًا ينزل على وجهها بقوة وشراسة.
وضعت هنادي يدها على خدها بألم، وعيناها تنفجران بالشرار: كيف تجرؤ على ضربي، يا ابن اللعين!
اقترب منها بمزيد من القسوة والقوة.
يزن: أليس أنت من دفعتني لاغتصاب أختك وتعمل لها سحرًا أسود؟! الآن سأفعل ذلك بك وحدك وأنت تدرك كل شيء، يا جميلة. أريدك أن تعترف لي بأني لست رجلاً آخر. سأثبت لك الآن أنني رجل حقيقي، هل فهمت؟
في تلك اللحظة، تحولت هنادي إلى قطة صغيرة تبكي وتصرخ بكل معاني الألم والحزن.
هنادي: ابتعد عني، يا يزن. أتدري ما هي عواقب ما تفعله؟ لا أريد أن أموت وحيدة. لا أريد أن أموت وحيدة!
يزن وهو يقترب منها ليثبت لها رجولته بقسوة وقوة، مع بقايا رد الاعتبار لنفسه.
يزن: وماذا سيحدث بعدها؟ هل لا يمكنك فعل شيء سوى إيذاء نفسك، يا ذكية؟ أنت تفتحين بوابة جهنم أمامك. استمرت بالاقتراب منها، حتى وجهها بدأ يتجاوزه القرف والاستحقار، ثم ابتعد عنها.
كانت تتنفس بصعوبة وتحاول إخفاء جسدها بيديها، حتى أنها لم تستطع إطلاق الكلمات كأنها فقدت القدرة على التعبير.
يزن: سأغادر الشقة، لن أعود لرؤيتك مجددًا! لقد اشتريت هذه الشقة لتخططي لضياع أختك؟! سبحان الله، أدركت أنك تستحقين أضعاف ما تعيشينه!
هنادي كانت تبكي بصوت ضعيف، وحالتها مليئة بالألم، حتى للكافر كانت صعبة المعاناة.
يزن: لا، سنذهب إلى المستشفى.
يزن سرعان ما ارتدى ملابسها وقد حملها بيده ومعها شالها، ثم توجه بها إلى أقرب مستشفى. كانت نبضات قلبها تتباطأ بشدة، لدرجة أنها كانت تشعر وكأنها على وشك الموت. وصلوا إلى المستشفى بعد ساعات من القلق والتوتر، ثم ظهر الطبيب.
يزن (بتوتر): كيف حالها الآن؟ ماذا يحدث معها؟
الطبيب: أنت زوجها، أليس كذلك؟
يزن (بتردد): نعم، نعم، أنا زوجها.
الطبيب: وكيف لم تنتبه لحالتها الصحية السيئة؟ إنها حامل وبجانب ذلك تعاني من سرطان وهشاشة جسمها.
يزن (بتلعثم): حامل؟ كيف حدث ذلك؟!
الطبيب: يمكنك الدخول لتراها، هي قادرة على التحدث.
بعد دخوله إلى الغرفة، وجد يزن هنادي متمسكة بقدمها كطفلة تحتضنها، وكانت تبكي بشدة.
هنادي (بكسرة): هل تعلم أنني حامل؟!
يزن: نعم، علمت ذلك، ولكن كيف؟ ومن هو الأب؟
هنادي: الطفل الذي في بطني هو أبوه…
صدم يزن بكل ما حدث، لم يستطع التعبير بالكلمات، وكانت الدموع تجمد في عينيه. ترك المستشفى وهو يحمل وجعًا عميقًا في قلبه بسبب هذه الصدمة، فقد تعرض لخيانة من شخصين كانا قريبين له بشدة، وهما توأمان لم يتوقع أن يتعرض لهذا النوع من الخيانة.
شـاهد الجزء الأخير من هنا